بعد فترة راحة في عامي 2021 و2022، يبدو أن تجار التجزئة في الولايات المتحدة يتجهون نحو موجة من حالات الإفلاس، بقيادة سلسلة متاجر التجزئة الأميركية «بيد باث آند بيوند». هناك قصة وراء كل فشل في تجارة التجزئة، مثل حالة الخمول التي أصابت متاجر «بيد باث آند بيوند»، حيث يمكن إرجاع بعض المشاكل الحالية إلى تباطؤ اقتصادي دوري.

وباستثناء قطاعين عملاقين يشهدان ازدهاراً في الوقت الحالي، كان تجارُ التجزئة يكافحون الرياحَ القوية ويفلسون لفترة من الوقت، ثم تعود الأمور إلى طبيعتها لاحقاً. وتعد التجارة الإلكترونية من بين القطاعات الصاعدة التي أخذت حصةً سوقيةً من تجارة التجزئة التقليدية. والقطاع الآخر هو تجار التجزئة العمالقة مثل «كوستكو» و«بي تي» و«وولمارت سوبر سنترز».

وفي عام 2015، جادل الخبيران الاقتصاديان، علي هورتاسو وتشاد سيفرسون، في أنه على الرغم من كل الضجة المثارة حول المبيعات عبر الإنترنت، كان القطاع الأخير في الواقع أكبر مصدر للاضطراب في تجارة التجزئة على مدار العقدين الماضيين. بيد أن هذا لم يكن صحيحاً منذ ذلك الحين، حيث تجاوزت مبيعات التجزئة من خلال ما يسميه الإحصائيون الحكوميون «التسوق الإلكتروني ومنافذ الطلبات عبر البريد» تلك الخاصة بـ«نوادي المستودعات والمتاجر الكبرى» لأول مرة في مايو 2016. لكن كلاهما كان يعمل بوتيرة مختلفة عن بقية متاجر التجزئة لمعظم العقود الثلاثة الماضية. وإليك طريقة أخرى للنظر إلى نفس البيانات، من خلال الجمع بين التجارة الإلكترونية والمستودعات/ المتاجر الكبرى.

لا تتضمن أرقام تجارة التجزئة المستخدمة هنا خدمات الطعام. كما أنني فضلت استبعاد تجار التجزئة للسيارات وقطع الغيار ومحطات البنزين، لأنها تمثل هي كذلك نوعاً من البيع بالتجزئة يختلف عن ذلك الذي يتسبب في التعطيل الذي تسببه متاجر التجارة الإلكترونية والمخازن. إن نوادي المستودعات والمتاجر الكبرى تبيع الغاز أيضاً، لكن يتم فرز مبيعات التجزئة حسب المؤسسة بدلاً من الشركة، لذا من الممكن أن يتم التعامل مع بعض محطات الوقود الكبيرة هذه ككيانات منفصلة في البيانات.

هذا هو الحال بالتأكيد مع المبيعات عبر الإنترنت إذا اشتريت شيئاً من الموقع الإلكتروني لـ«وولمارت» (Walmart.com)، فسيظهر ضمن التسوق الإلكتروني ما لم تستلمه من أحد المتاجر. وفي الوقت نفسه، إذا طلبتَ عبر الإنترنت من متجر له موقع واحد يقوم أيضاً بإجراء مبيعات شخصية، فسيتم احتساب ذلك ضمن فئة البيع بالتجزئة لهذا المتجر. وقد حقق كلا الجانبين من التجزئة، سواء الشركات الناشئة أو ذات الأقدمية في السوق، مكاسب كبيرة في المبيعات على مدى العامين الماضيين، لكن قدراً كبيراً من هذا هو تضخم.

ليس من الواضح مؤشر الأسعار الذي يجب استخدامه للتكيف مع ذلك. تمثل مبيعات التجزئة العناصر المادية، وهي حجة لاستخدام شيء مثل مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي للسلع، والذي ارتفع كثيراً في العقود الأخيرة. لكن تجار التجزئة يتنافسون مع البائعين الذي يبيعون أشياء غير السلع للموظفين والعملاء والعقارات والمستثمرين، لذلك اخترت اتباع مقياس يعكس اتجاهات الأسعار الإجمالية بشكل أفضل: مؤشر أسعار المستهلك باستثناء الغذاء والطاقة، والمعروف أيضاً باسم مؤشر أسعار المستهلك الأساسي: بعد التعديل لمراعاة التضخم بهذه الطريقة، استقرت المبيعات في تجار التجزئة التقليديين في عام 2010 وكانت أقل في فبراير 2020 مقارنة بالسنوات التي سبقت الأزمة المالية العالمية. ثم انهارت في بداية الوباء، لكن منذ صيف عام 2020، كانت في حالة جيدة.

وإليك صورة مقرّبة للتطورات الأخيرة، مع فصل التجارة الإلكترونية والمستودعات/ المتاجر الكبرى مرة أخرى حتى تتمكن من رؤية مدى اختلاف مساراتها. قد يكون من الصعب قياس معدلات النمو من خلال النظر إلى مخطط مثل هذا، لذا فإليك النسبة المئوية للتغيرات في المبيعات الحقيقية من فبراير 2020 إلى أكتوبر 2022 للمجموعات الثلاث: - التسوق الإلكتروني والطلب بالبريد: 48.9% - تجارة التجزئة الأخرى باستثناء السيارات والغاز: 10.6% - نوادي المستودعات والمتاجر الكبرى 4.8% وهذا هو الحال منذ أكتوبر 2021: - التسوق الإلكتروني والطلب بالبريد: 2.6% - تجارة التجزئة الأخرى باستثناء السيارات والغاز: -0.2% - نوادي المستودعات والمتاجر الكبرى: -2.9% لا يزال تجار التجزئة التقليديون يفقدون قوتَهم أمام التجارة الإلكترونية، لكن وتيرة تلك الخسائر تباطأت. لقد أخذوا بالفعل جزءاً من حصة السوق من نوادي المستودعات والمتاجر الكبرى. وبينما لم يحققوا تقدماً على مدار العام الماضي، نظراً لمكاسب مبيعاتهم قبل ذلك، فإن الوضع لم يكن سيئاً للغاية. وبشكل عام، كان الوباء جيداً لمزودي الأشياء الملموسة، حيث ازدهر إنفاق المستهلكين على السلع المعمرة في النصف الثاني من عام 2020 والنصف الأول من عام 2021، وبينما استقر إلى حد ما منذ ذلك الحين، فإنه لا يزال أعلى بكثير من اتجاه ما قبل الوباء. ويمكن تفسير طفرة السلع هذه في البداية من خلال حقيقة أن: (1) كان الناس لديهم الكثير من الأموال بسبب المساعدات التي تم تقديمها أثناء الوباء وسوق الأسهم المزدهرة. (2) لم يتمكنوا من إنفاق هذه الأموال على السفر وتناول الطعام في الخارج والترفيه الشخصي. ظل هذا الإنفاق قوياً حتى مع تلاشي هذه القوى، وهو أمر مثير للاهتمام ومشجع لتجار التجزئة. نعم، بعض حالات الإفلاس قادمة. لكن بالنسبة لتجار التجزئة التقليديين، لا توجد مؤشرات كثيرة حتى الآن على العودة إلى الوضع الطبيعي المزعج في العقد الأول من القرن الـ21.

جاستين فوكس*

*كاتب عمود لدى «بلومبيرج أوبينيون».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»